أهلًا و سهلًا بكـ يشرفنا تسجيلك و مشاركتك معنا .
#1
|
|||
|
|||
( المزاح ) سُنة ,لكن لمن يحسنه
(بسم الله الرحمن الرحيم) الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد:** فإن الإنسان مدني بطبعه، ومع اتساع المدن وكثرة الفراغ لدى بعض** الناس، وانتشار أماكن التجمعات العامة كالمنتزهات والاستراحات، وكثرة** الرحلات البرية، والاتصالات الهاتفية، واللقاءات المدرسية، والتجمعات** الشبابية، وتوسّع كثير من الناس في المزاح مع بعضهم البعض، دون** ضابط لهذا الأمر الذي قد يؤدي إلى المهالك، ويورث العداوة والبغضاء.** والمراد بالمزاح:** الملاطفة والمؤآنسة، وتطييب الخواطر، وإدخال السرور. [وقد كان هذا من هدي النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر ذلك البخاري** في باب الانبساط إلى الناس مستدلاً بحديث: « يا أبا عمير ما فعل النغير » . وكذلك ما رواه أبو داود عن أنس- رضي الله عنه- أن رجلاً أتى النبي** صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله احملني.** فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « إنا حاملوك على ولد الناقة » قال وما أصنع بولد الناقة؟** فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « وهل تلد الإبل إلا النوق » .** وعن أنس- رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:** « يا ذا الأذنين » يمازحه [رواه الترمذي].**] ولا شك أن لتبسمك لطرد السأم والملل، وتطييب المجالس بالمزاح** الخفيف فيه خير كثير،** قال ابن تيمية- رحمه الله-:** "فأما من استعان المباح الجميل على الحق فهذا من الأعمال الصالحة"، وقد اعتبر بعض الفقهاء المزاح من المروءة وحسن الصحبة، ولا شك أن لذلك ضوابط منها:** 1- ألا يكون فيه شيء من الاستهزاء بالدين:** فإن ذلك من نواقض الإسلام قال تعالى: { ولئن سألتهم ليقولن إنما** كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون . لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم } [التوبة:65-66]** قال ابن تيمية رحمه الله: "الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر يكفر به صاحبه بعد إيمانه".** وكذلك الاستهزاء ببعض السنن، ومما انتشر كالاستهزاء باللحية أو الحجاب، أو بتقصير الثوب أو غيرها.** [قال فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين- أثابه الله- في المجموع الثمين** (1/63): "فجانب الربوبية والرسالة والوحي والدين جانب محترم لا يجوز** لأحد أن يعبث فيه لا باستهزاء بإضحاك، ولا بسخرية، فإن فعل فإنه كافر، لأنه يدل على استهانته بالله عزّ وجلّ ورسله وكتبه وشرعه، وعلى من** فعل هذا أن يتوب إلى الله عزّ وجلّ مما صنع، لأن هذا من النفاق، فعليه** أن يتوب إلى الله ويستغفر ويصلح عمله ويجعل في قلبه خشية الله عزّ** وجلّ وتعظيمه وخوفه ومحبته، والله ولي التوفيق". ] 2- لا يكون المزاح إلا صدقاً:** قال صلى الله عليه وسلم: « ويل للذي يُحدِّث فيكذب ليُضحكَ به القوم** ويل له » [رواه أبو داود].** وقال صلى الله عليه وسلم محذراً من هذا المسلك الخطير الذي اعتاده** بعض المهرجين : « إن الرجل ليتكلم بالكلمة ليُضحك بها جلساءه يهوي** بها في النار أبعد من الثريا » [رواه أحمد].** 3- عدم الترويع:** خاصة ممن ليدهم نشاط و قوة أو بأيديهم سلاح أو قطعة حديد،** أو يستغلون الظلام وضعف بعض الناس ليكون ذلك مدعاة إلى الترويع** والتخويف؛ عن أبي ليى قال: "حدثنا أصحاب محمّد صلى الله عليه وسلم** أنهم كانوا يسيرون مع النبي صلى الله عليه وسلم، فنام رجل منهم** فانطلق بعضهم إلى حبل معه فأخذه ففزع، فقال رسول الله صلى الله** وسلم: « لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً » [رواه أبو داود].** 4- الاستهزاء والغمز واللمز:** الناس مراتب في مداركهم وعقولهم وتتفاوت شخصياتهم، وبعض ضعاف** النفوس- أهل الاستهزاء والغمز واللمز- قد يجدون شخصاً يكون لهم** سُلَّماً للإضحاك والتندر- والعياذ بالله- وقد نهى الله عزّ وجلّ عن ذلك** فقال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قومٌ من قوم عسى أن يكونوا** خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكنَّ خيراً منهنَّ ولا تلمزوا** أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان } [الحجرات:1] قال ابن كثير في تفسيره: "المراد من ذلك احتقارهم واستصغارهم والإستهزاء بهم، وهذا حرام، ويعد من صفات المنافقين".** والبعض يستهزأ بالخلقة أو بالمشية أو المركب ويُخشى على المستهزىء أن يجازيه الله عزّ وجلّ بسبب استهزائه قال صلى الله عليه وسلم:** «**لا تُظهر الشماتة بأخيك، فيرحمه الله ويبتليك**» [رواه الترمذي].** وحذر صلى الله عليه وسلم من السخرية والإيذاء؛ لأن ذلك طريق** العداوة والبغضاء قال صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى ها هنا- ويشير إلى صدره ثلاث** مرات- بحسب امرىء من الشر أن يحقر أخاه المسلم. كل المسلم** على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه" [رواه مسلم].** 5- أن لا يكون المزاح كثيراً:** فإن البعض يغلب عليهم هذا الأمر ويصبح ديدناً لهم، وهذا عكس الجد** الذي هو من سمات المؤمنين، والمزاح فسحة ورخصة لاستمرار الجد** والنشاط والترويح عن النفس.** قال عمر بن عبد العزيز- رحمه الله-: "اتقوا المزاح، فإنه حمقة تورث الضغينة".** قال الإمام النووي- رحمه الله-: "المزاح المنهي عنه هو الذي فيه** إفراط ويداوم عليه، فإنه يورث الضحك وقسوة القلب، ويشغل عن ذكر الله تعالى: ويؤول في كثير من الأوقات إلى الإيذاء، ويورث الأحقاد،** ويسقط المهابة والوقار، فأما من سلم من هذه الأمور فهو المباح الذي** كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله".** 6- معرفة مقدار الناس:** فإن البعض يمزح مع الكل بدون اعتبار، فللعالم حق، وللكبير تقديره،** وللشيخ توقيره، ولهذا يجب معرفة شخصية المقابل فلا يمازح السفيه** ولا الأحمق ولا من لا يُعرف.** وفي هذا الموضوع قال عمر بن عبد العزيز:** "اتقوا المزاح، فإنه يذهب المروءة".** وقال سعد بن أبي وقاص: "اقتصر في مزاحك، فإن الإفراط فيه** يُذهب البهاء، ويُجرِّىء عليك السفهاء".** 7- أن يكون المزاح بمقدار الملح للطعام:** قال صلى الله عليه وسلم: «**لا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت** القلب**» [صحيح الجامع 7312].** وقال عمر بن الخطاب- رضي الله عنه-: "من كثر ضحكه قلت هيبته، ومن مزح استُخف به، ومن أكثر من شيء عُرف به".** فإياك إيّاك المزاح فإنه يجرِّىء عليك الطفل والدنس النذلا ويذهب ماء الوجه بعد بهاءه ويورثه من بعد عزته ذلاً 8- ألا يكون فيه غيبة:** وهذا مرض خبيث، ويزين لدى البعض إنه يُحكى ويقال بطريقة المزاح، وإلا فهو داخل في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: « ذكرك أخاك بما يكره » [رواه مسلم].**
__________________
FARES
|
|
|