أهلًا و سهلًا بكـ يشرفنا تسجيلك و مشاركتك معنا .

 

 



إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-08-2015, 08:17 AM
المشرف العام المشرف العام غير متواجد حالياً
مشرف عام
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 8,047
افتراضي معالجة النفرة بين الزوجين

قال الله تعالى: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ (سورة البقرة آية 216)، ويقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ) لا يفرك - أي: "لا يبغض" - مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقًا رضي منها آخر (.
جعل الله العشرة بالمعروف فريضة على الرجال - حتى في حالة كراهية الزوج لزوجته، ما لم تصبح العشرة متعذرة - وتسمو في هذه الحالة نسمة الرجاء في غيب الله وفي علم الله تعالى كي لا يطاوع المرء انفعاله الأول، فيبت وشيجة الزوجية العزيزة، فما يدريه أن هنالك خيرا فيما يكره - وهو لا يدريه - خيرا مخبوءا كامنا، لعله إن كظم انفعاله واستبقى زوجه سيلاقيه.
﴿ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ (سورة البقرة آية 216).
وهذه اللمسة الأخيرة في الآية تعلق النفس بالله، وتهدئ من ثورة الغضب، وتفت من حدة الكره حتى يعاود الإنسان نفسه في هدوء، وحتى لا تكون العلاقة الزوجية ريشة في مهب الرياح، فهي مربوطة العرى بالعروة الوثقى! العروة الدائمة! العروة التي تربط بين قلب المؤمن وربه، وهي أوثق العرى وأبقاها!.
والإسلام الذي ينظر إلى البيت بوصفه سكنا وأمنا وسلاما، وينظر إلى العلاقة بين الزوجين بوصفها مودة ورحمة وأنسا، ويقيم هذه الآصرة على الاختيار المطلق، كي تقوم على التجاوب والتعاطف والتحاب!. هو الإسلام ذاته الذي يقول للأزواج: ﴿ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ (سورة البقرة آية 216) كي يستأني بعقدة الزوجية، فلا تفصم لأول خاطر، وكي يستمسك بعقدة الزوجية، فلا يجعلها عرضة لنزوة العاطفة المتقلبة، وحماقة الميل الطائش هنا وهناك.
وما أعظم قول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لرجل أراد أن يطلق زوجته، لأنه لا يحبها: ويحك! ألم تبن البيوت إلا على الحب؟ فأين الرعاية وأين التذمم؟
وما أتفه الكلام الرخيص الذي ينعق به المتحذلقون باسم الحب وهم يعنون به نزوة العاطفة المتقلبة، ويبيحون باسمه - انفصال الزوجين وتحطيم المؤسسة الزوجية - بل خيانة الزوجة لزوجها! أليست لا تحبه؟ وخيانة الزوج لزوجته! أليس لا يحبها؟! والحب أكبر مما يهجس في هذه النفوس التافهة الصغيرة لأنه معنى أكبر من نزوة العاطفة الصغيرة المتقلبة، ونزوة النبل والتجمل والاحتمال، وهو أكبر وأعظم من هذا الذي يتشدقون به في تصور هابط هزيل. ومن المؤكد طبعا أنه لا يخطر لهم خاطر لذكر الله تعالى، فهم بعيدون عنه في جاهليتهم المزوقة! فما تستشعر قلوبهم ما يقوله الله للمؤمنين: ﴿ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ (سورة البقرة آية 216).
إن العقيدة الإيمانية هي وحدها التي ترفع النفوس وترفع الاهتمامات، وترفع الحياة الإنسانية عن نزوة البهيمة، وطمع التاجر، وتفاهة الفارغ!.
وقد روي أن رجلا جاء إلى عمر -رضي الله عنه- يشكو خلق زوجته، فوقف على بابه ينتظر خروجه، فسمع امرأته تستطيل عليه بلسانها وتخاصمه وعمر ساكت لا يرد عليها، فانصرف الرجل راجعا، وقال: إن كان هذا حال عمر مع شدته وصلابته وهو أمير المؤمنين، فكيف حالي؟ وخرج عمر فرآه موليا عن بابه، فناداه وقال: ما حاجتك أيها الرجل؟ فقال: يا أمير المؤمنين جئت أشكو إليك سوء خلق امرأتي واستطالتها علي، فسمعت زوجتك كذلك فرجعت وقلت: إذا كان هذا حال أمير المؤمنين مع زوجته، فكيف حالي؟ فقال عمر: يا أخي.. إني أحتملها لحقوق لها علي: إنها لطباخة لطعامي، خبازة لخبزي، غسالة لثيابي، مرضعة لولدي، وليس ذلك كله واجب عليها، ويسكن قلبي بها عن الحرام، فأنا أحتملها لذلك. فقال الرجل: يا أمير المؤمنين وكذلك زوجتي. قال عمر: فاحتملها يا أخي، فإنما هي مدة يسيرة [فهذه القصة على فرض ثبوتها فيها عبرة وتذكرة].
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ) استوصوا بالنساء خيرا، فإنهن خلقن من ضلع أعوج، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرا (. وهذا الحديث ينبه الأزواج إلى وجوب التجاوز عن بعض الأمور، فإنه ليس هناك ورد بلا شوك؟! وقد أحسن الشاعر حين قال:
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها

كفى المرء نبلا أن تعد معايبه
فيجب على كل من الزوجين التغاضي عن بعض ما لا يحب أن لا يراه في الآخر، ويضع كلاهما في حسبانه أنه إذا كره في الآخر صفة فإنه لا بد أن تكون فيه صفة أخرى تشفع له. وهذا هو بعينه ما أشار إليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- حين قال: ) لا يَفركُ - لا يبغض - مؤمن مؤمنة! إن كره منها خلقا رضي منها آخر(.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:56 AM.